السبت، 24 ديسمبر 2011

ورطة العين الحمئة

أنها بالفعل ورطة كبيرة جدا  تواجه العلماء المسلمين في القرأن أنها كارثة غروب الشمس في عين حمئة ، ولقد حاول العلماء المسلمون قديما وحديثا الخروج من هذه الورطة بكل الوسائل والتخلص منها بكل الطرق ولكنهم فشلو فشلا ذريعا في الخروج من العين الحمئة التي وضعهم القرأن وبالتحديد سورة الكهف فيها ، واكبر ما لديهم من حجج واعظم ما لديهم من براهين واقوى ما عندهم من دفاعات هو قولهم الوحيد اليتيم أن كلمة وجدها في اية ( وجدها تغرب في عين حمئة ) لم تكن الا مجازا وأن ذا القرنين هو الذي رأى الشمس تغرب في عين حمئة ولم يكن ذلك حقيقية ، ومثلهم الوحيد اليتيم الذي يستندون اليه قولهم أن الانسان قد يرى الشمس تغرب في البحر اثناء جلوسه على الشاطئ فيظن انها تغرب في البحر وهي ليست كذلك ،
لكن مثلهم يتبخر وقولهم يندثر حين تؤكد لهم بأن لا يوجد في الاية بحرا ولا نهرا ولا علاقة لها من قريب ولا من بعيد بالبحر ولا بالنهر ، فالامر يتعلق بعين حمئة ، مجرد عين صغيرة وممتلئة بالطين العفن ومن المستحيل أن يرى اي انسان الشمس تدخل داخل عين لا مجازا ولا حقيقة ولا خيالا ولا خدعة ولا ظنا ولا بأي طريقة كانت ، فلا يمكن ابدا ان يرى اي انسان الشمس تغرب داخل عين ممتلئة بالطين ، فيالها من ورطة قرأنية رهيبة .
كما ان ذا القرنين شخصية عظيمة جدا بحسب الاية ومن الواضح أنه ركب البحر مرات ومرات ولكنه لم ينخدع بغروب الشمس في البحر ابدا ، فكيف سينخدع بغروبها في عين ممتلئة بالطين العفن ؟ .
كما أن ذا القرنين وجد عند العين قوما ومعنى ذلك انه كان واقفا على العين نفسها وليس بعيدا عنها وهذا يدل على ان القرأن بقصد انه وجد الشمس تغرب داخل تلك العين اي ان الشمس تدخل في العين نفسها .
كما أن قول العلماء ان كلمة وجدها كانت مجازية يكذبه القرأن نفسه ويدحض قولهم لأن القرأن لا يذكر كلمة وجد مجازا ولا مرة واحدة فكيف يقولون انها في هذه الاية فقط كانت مجازية خصوصا وان الاية بها كلمة وجد مرتين ففي المرة الثانية يقول ووجد عندها قوما فهل قوله وجد عندها قوما كانت مجازية هي الاخرى ؟ .
ايضا أن الذي يقول أن كلمة وجدها مجازية ليس لديه دليلا واحدا على ذلك ، كما انه عاجز عجزا واضحا على ان يثبت ذلك بدليل مقنع .
أما الذي يقول أن كلمة وجدها تغرب في عين حمئة يعني رأها تغرب في عين حمئة فقوله باطل جملة وتفصيلا لأن اذا كان المتحدث هو الله فكيف يعجز عن قول رأها تغرب في عين حمئة حتى ياتي هولاء العلماء ويصححون له الجملة ؟
أنها كارثة علمية واضحة جدا وخطأَ فادحا يثبت ان هذا القرأن لا يمكن ان يكون من عند الله ابدا ، ولذلك يحاول المسلمون الهروب من هذه الاية بأي شكل حتى انهم هربو من تفسير محمد لها تفسيرا واضحا صحيحا لا شك ولا ريب فيه ولذلك سنقدم لهم تفسير محمد لهذه الاية حتى لا يحاولون اختراع التفاسير لها فأن كانو فعلا يتبعون رسولهم فعليهم باخذ تفسيره لهذه الاية وليس تجاهله كما يفعلون ،
فالاية في سورة الكهف تقول :
(حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا )
ومحمد يؤكد تماما وبوضح تام غروب الشمس في عين عن أبي ذر قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم على حمار عليه برذعة أو قطيفة ، وذلك عند غروب الشمس فقال لي : يا أبا ذر هل تدرى أين تغيب هذه ؟ قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : فإنها تغرب في عين حمئة تنطلق حتى تخر ساجدة لربها تحت العرش ، فإذا حان وقت خروجها أذن لها فتخرج فتطلع فإذا أراد الله أن يطلعها من حيث تغرب حبسها ، فتقول يارب إن مسيري بعيد فيقول لها اطلعى من حيث غبت الذهبي وحسنه
2: هل تدري أين تغرب هذه ؟ قلت : الله و رسوله أعلم . قال : فإنها تغرب في عين حامية صحيح ذكره الالباني في السلسلة الصحيحة
3 : عن أبي ذر قال كنت رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على حمار والشمس عند غروبها فقال هل تدري أين تغرب هذه قلت الله ورسوله أعلم قال فإنها تغرب في عين حامية تنطلق حتى تخر لربها عز وجل ساجدة تحت العرش فإذا حان خروجها أذن الله لها فتخرج فتطلع فإذا أراد أن يطلعها حيث تغرب حبسها فتقول يا رب إن مسيري بعيد فيقول لها اطلعي من حيث غبت فذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها صحيح ذكره الالباني في السلسلة الصحيحة
4: هل تدري أين تغرب هذه ؟ قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : فإنها تغرب في عين حامية صحيح سنن ابي داوود
5 : - كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد عند غروب الشمس ، قال : يا أبا ذر ! أتدري أين تغرب الشمس ، قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش عند ربها وتستأذن فيؤذن لها ، ويوشك أن تستأذن فلا يؤذن لها حتى تستشفع ، فإذا طال عليها قيل لها : اطلعي مكانك ، فذلك قوله تعالى : ? والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم ?  متفق عليه البخاري ومسلم وجمع من المحدثين


فهذا كلام محمد شخصيا يؤكد أن الشمس تدخل في العين حقيقة وليس مجازا فلماذا يهرب المسلمون من تفسير رسولهم للاية ، فمحمد لم يقل أن ذا القرنين رأى ذلك مجازا بل قال وأكد أن الشمس تدخل في عين وتذهب الى عبر السماوات الى العرش وتسجد هناك حتى الصباح فتستأذن بالطلوع مرة أخرى فيؤذن لها حتى يوم القيامة حينها تستأذن فلا يؤذن لها ! فهل بعد هذا الكلام كلام ؟ وهل بعد تفسير محمد تفسير ؟
ايضا في تاريخ الطبري نجد أن الشمس لا تغرب في عين حمئة واحدة فحسب وانما تغرب في 180 عين حمئة وهو كلام ذكره الطبري عن عبدالله بن عباس حبر الامة كما يقولون ، يقول الطبري عن عباس :
ثم خلق الله للشمس عجلة من ضوء نور العرش لها ثلاثمائة وستون عروة ووكل بالشمس وعجلتها ثلاثمائة وستين ملكا من الملائكة من أهل السماء الدنيا ، قد تعلق كل ملك منهم بعروة من تلك العرا ، ووكل بالقمر وعجلته ثلاثمائة وستين ملكا من الملائكة من أهل السماء ، قد تعلق بكل عروة من تلك العرا ملك منهم . ثم قال : وخلق الله لهما مشارق ومغارب في قطري الأرض وكنفي السماء ثمانين ومائة عين في المغرب ، طينة سوداء ، فلذلك قوله عز وجل : { وجدها تغرب في عين حمئة } إنما يعني حمأة سوداء من طين ، وثمانين ومائة عين في المشرق مثل ذلك طينة سوداء تفور غليا كغلي القدر إذا ما اشتد غليها . قال : فكل يوم وكل ليلة لها مطلع جديد ومغرب جديد ، ما بين أولها مطلعا وآخرها مغربا أطول ما يكون النهار في الصيف إلى آخرها مطلعا ، وأولها مغربا أقصر ما يكون النهار في الشتاء ، فذلك قوله تعالى : { رب المشرقين ورب المغربين } يعني : آخرها هاهنا وآخرها ثم ، وترك ما بين ذلك من المشارق والمغارب ، ثم جمعهما فقال : { برب المشارق والمغارب } فذكر عدة تلك العيون كلها
والسؤال الان هل يرفض المسلمون تفسير رسولهم للأية ؟ ولماذا يهربون من المعنى الحقيقي للأية ؟
والحقيقة التي لا ريب فيها أن هذه الخرافة موجودة في كتاب سرياني عن تاريخ الاسكندر الاكبر والمؤلف رجل كذاب منتحل يسمي نفسه ( كاليسثنيس ) ويطلق عليه ( كاليسثنيس المنتحل ) (  pseudo callisthenes )
وهذا ما جاء في كتابه بالنص
So the whole camp mounted, and Alexander and his troops went up between the fetid sea and the bright sea to the place where the sun enters the window of heaven; for the sun is the servant of the Lordand neither by night nor by day does he cease from his travelling. The place of his rising is over the sea, and the people who dwell there, when he is about to riseflee away and hide themselves in the sea, that they be not burnt by hisrays; and he passes through the midst of the heavens to the place where he enters the window of heaven; and wherever he passes there are terrible mountains, and those who dwell there have caves hollowed out in the rocksand as soon as they see the sun passing [over them], men and birds flee away from before him and hide in the caves for rocks are rent by his blazing heat and fall down, and whether they he men or beasts, as seen as the stones touch them they are consumed. And when the sun enters the window of heavenhe straightway bows down and makes obeisance before God his Creator; and he travels and descends the whole night through the heavensuntil at length he findshimself where he rises. 

وهذه ترجمة النص
ركب الإسكندر وقواته وذهبوا إلى ما بين البحر المنتن والبحر اللامع إلى المكان الذي تدخل الشمس في نافذة السماء، فالشمس خادمة الرب وهي لا تتوقف ليلا ولا نهارا عن سيرها، مكان طلوعها فوق البحر، والناس الساكنين هناك - حين تقترب الشمس من الطلوع - يهربون ويختبئون في البحر كي لا يحترقون من أشعتها ثم تعبر في وسط السماوات إلى حيث تدخل في نافذة السماء وحينما تمر من فوق الجبال العاتية فأن من يسكنون هناك لديهم كهوف مجوفة في الصخور وحين يرون الشمس تمر من فوقهم، الناس والطيور يهربون من أمامها ويختبئون في الكهوف لأن الصخور تتشقق بالحرارة الحارقة وتسقط ،وسواء البشر او الحيوانات، كل من يمس هذه الحجارة يهلك ،وحين تدخل الشمس نافذة السماء، تسجد مباشرة أمام الله خالقها وتعلن ولائها وتسير طوال الليل خلال السماوات لتعود الى حيث طلعت
ومن الواضح أن ما قاله محمد يتوافق تماما مع قاله كاليسثنيس المنتحل ، والسؤال ألان لكل مسلم يريد الحق ما هو سر هذا التوافق الغريب بين ما جاء في القرأن والحديث مع ما ذكره كاليسثنيس المنتحل مع حق الملكية الفكرية لكاليسثنيس المنتحل لأنه سبق محمد بهذه القصة الوهمية الخرافية ، ليس ذلك فحسب بل الغريب أن كل القصص التي اوردها كاليسثنيس المنتحل في كتابه ذكرها محمد في سورة الكهف وهذا يدل على ان سورة الكهف بالكامل منقولة من كاليسثنيس المزيف .
اعتقد أن الامر في غاية الوضوح فلماذا يريد المسلم خداع نفسه واقناع نفسه بالاكاذيب والخرافات والاساطير 
علي سعداوي

رابط كتاب كاليسثنيس المنتحل 


مواضيع مشابهة لنفس الكاتب 

الثلاثاء، 13 ديسمبر 2011

غروب الشمس في 180 عين حمئة



هذا ما ذكره الطبري في كتابه تاريخ الطبري ، وتعطينا معلومات اضافية عن نظرة المسلمين الاوائل للكون
بينما ابن عباس ذات يوم جالس إذ جاءه رجل فقال : يا ابن عباس ، سمعت العجب من كعب الحبر ، يذكر في الشمس والقمر . قال : وكان متكئا فاحتفز ثم قال : وما ذاك ؟ قال : زعم أنه يجاء بالشمس والقمر يوم القيامة كأنهما ثوران عقيران ، فيقذفان في جنهم ، قال عكرمة : فطارت من ابن عباس شقة ووقعت أخرى غضبا ، ثم قال : كذب كعب ! كذب كعب ! كذب كعب ! ثلاث مرات ، بل هذه يهودية يريد إدخالها في الإسلام ، الله أجل وأكرم من أن يعذب على طاعته ، ألم تسمع لقول الله تبارك وتعالى : ?وسخر لكم الشمس والقمر دائبين? إنما يعني دءوبهما في الطاعة ، فكيف يعذب عبدين يثني عليهما أنهما دائبان في طاعته ؟ ! قاتل الله هذا الحبر وقبح حبريته ! ما أجرأه على الله وأعظم فريته على هذين العبدين المطيعين لله ! قال : ثم استرجع مرارا ، وأخذ عويدا من الأرض ، فجعل ينكته في الأرض ، فظل كذلك ما شاء الله ، ثم إنه رفع رأسه ورمى بالعويد فقال : ألا أحدثكم بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الشمس والقمر وبدء خلقهما ومصير أمرهما ؟ فقلنا : بلى رحمك الله ! فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن ذلك فقال : إن الله تبارك وتعالى لما أبرم خلقه إحكاما فلم يبق من خلقه غير آدم خلق شمسين من نور عرشه ، فأما ما كان في سابق علمه أنه يدعها شمسا فإنه خلقها مثل الدنيا ما بين مشارقها ومغاربها ، وأما ما كان في سابق علمه أن يطمسها ويحولها قمرا ، فإنه دون الشمس في العظم ، ولكن إنما يرى صغرهما من شدة ارتفاع السماء وبعدها من الأرض . قال : فلو ترك الله الشمسين كما كان خلقهما في بدء الأمر لم يكن يعرف الليل من النهار ، ولا النهار من الليل ، وكان لا يدري الأجير إلى متى يعمل ، ومتى يأخذ أجره . ولا يدري الصائم إلى متى يصوم ، ولا تدري المرأة كيف تعتد ، ولا يدري المسلمون متى وقت الحج ، ولا يدري الديان متى تحل ديونهم ، ولا يدري الناس متى ينصرفون لمعايشهم ، ومتى يسكنون لراحة أجسادهم ، وكان الرب عز وجل أنظر لعباده وأرحم بهم ، فأرسل جبرئيل عليه السلام فأمر جناحه على وجه القمر - وهو يومئذ شمس - ثلاث مرات ، فطمس عنه الضوء ، وبقي فيه النور ، فذلك قوله عز وجل : { وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة } . قال : فالسواد الذي ترونه في القمر شبه الخطوط فيه فهو أثر المحو . ثم خلق الله للشمس عجلة من ضوء نور العرش لها ثلاثمائة وستون عروة ووكل بالشمس وعجلتها ثلاثمائة وستين ملكا من الملائكة من أهل السماء الدنيا ، قد تعلق كل ملك منهم بعروة من تلك العرا ، ووكل بالقمر وعجلته ثلاثمائة وستين ملكا من الملائكة من أهل السماء ، قد تعلق بكل عروة من تلك العرا ملك منهم . ثم قال : وخلق الله لهما مشارق ومغارب في قطري الأرض وكنفي السماءثمانين ومائة عين في المغرب ، طينة سوداء ، فلذلك قوله عز وجل : { وجدها تغرب في عين حمئة } إنما يعني حمأة سوداء من طين ، وثمانين ومائة عين في المشرق مثل ذلك طينة سوداء تفور غليا كغلي القدر إذا ما اشتد غليها . قال : فكل يوم وكل ليلة لها مطلع جديد ومغرب جديد ، ما بين أولها مطلعا وآخرها مغربا أطول ما يكون النهار في الصيف إلى آخرها مطلعا ، وأولها مغربا أقصر ما يكون النهار في الشتاء ، فذلك قوله تعالى : { رب المشرقين ورب المغربين } يعني : آخرها هاهنا وآخرها ثم ، وترك ما بين ذلك من المشارق والمغارب ، ثم جمعهما فقال : { برب المشارق والمغارب } فذكر عدة تلك العيون كلها . قال : وخلق الله بحرا ، فجرى دون السماء مقدار ثلاث فراسخ ، وهو موج مكفوف قائم في الهواء بأمر الله عز وجل لا يقطر منه قطرة ، والبحار كلها ساكنة ، وذلك البحر جار في سرعة السهم ثم انطلاقه في الهواء مستويا ، كأنه حبل ممدود ما بين المشرق والمغرب ، فتجري الشمس والقمر والخنس في لجة غمر ذلك البحر ، فذلك قوله تعالى : { كل في فلك يسبحون } والفلك دوران العجلة ، في لجة غمر ذلك البحر . والذي نفس محمد بيده لو بدت الشمس من ذلك البحر لأحرقت كل شيء في الأرض ، حتى الصخور والحجارة ولو بدا القمر من ذلك لافتتن أهل الأرض حتى يعبدونه من دون الله ، إلا من شاء الله أن يعصم من أوليائه . قال ابن عباس : فقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ! ذكرت مجرى الخنس مع الشمس والقمر ، وقد أقسم الله بالخنس في القرآن إلى ما كان من ذكرك ، فما الخنس ؟ قال : يا علي ! هن خمسة كواكب : البرجيس ، وزحل ، وعطارد ، وبهرام ، والزهرة ، فهذه الكواكب الخمسة الطالعات الجاريات ، مثل الشمس والقمر العاديات معهما ، فأما سائر الكواكب فمعلقات من السماء كتعليق القناديل من المساجد ، وهي تحوم مع السماء دورانا بالتسبيح والتقديس والصلاة لله ، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : فإن أحببتم أن تستبينوا ذلك ، فانظروا إلى دوران الفلك مرة هاهنا ومرة هاهنا ، فذلك دوران السماء ، ودوران الكواكب معها كلها سوى هذه الخمسة ، ودورانها اليوم كما ترون ، وتلك صلاتها ، ودورانها إلى يوم القيامة في سرعة دوران الرحا من أهوال يوم القيامة وزلازله ، فذلك قوله عز وجل : { يوم تمور السماء مورا * وتسير الجبال سيرا * فويل يومئذ للمكذبين } . قال : فإذا طلعت الشمس فإنها تطلع من بعض تلك العيون على عجلتها ومعها ثلاثمائة وستون ملكا ناشري أجنحتهم ، يجرونها في الفلك بالتسبيح والتقديس والصلاة لله على قدر ساعات الليل وساعات النهار ليلا كان أو نهارا ، فإذا أحب الله أن يبتلي الشمس والقمر فيري العباد آية من الآيات فيستعتبهم رجوعا عن معصيته وإقبالا على طاعته ، خرت الشمس من العجلة فتقع في غمر ذلك البحر وهو الفلك ، فإذا أحب الله أن يعظم الآية ويشدد تخويف العباد وقعت الشمس كلها فلا يبقى منها على العجلة شيء ، فذلك حين يظلم النهار وتبدو النجوم ، وهو المنتهى من كسوفها . فإذا أراد أن يجعل آية دون آية وقع منها النصف أو الثلث أو الثلثان في الماء ، ويبقى سائر ذلك على العجلة ، فهو كسوف دون كسوف ، وبلاء للشمس أو للقمر ، وتخويف للعباد ، واستعتاب من الرب عز وجل ، فأي ذلك كان صارت الملائكة الموكلون بعجلتها فرقتين : فرقة منها يقبلون على الشمس فيجرونها نحو العجلة ، والفرقة الأخرى يقبلون على العجلة فيجرونها نحو الشمس ، وهم في ذلك يقرونها في الفلك بالتسبيح والتقديس والصلاة لله على قدر ساعات النهار أو ساعات الليل ، ليلا كان أو نهارا ، في الصيف كان ذلك أو في الشتاء ، أو ما بين ذلك في الخريف والربيع ، لكيلا يزيد في طولهما شيء ، ولكن قد ألهمهم الله علم ذلك ، وجعل لهم تلك القوة ، والذي ترون من خروج الشمس أو القمر بعد الكسوف قليلا قليلا ، من غمر ذلك البحر الذي يعلوهما ، فإذا أخرجوها كلها اجتمعت الملائكة كلهم ، فاحتملوها حتى يضعوها على العجلة ، فيحمدون الله على ما قواهم لذلك ، ويتعلقون بعرا العجلة ، ويجرونها في الفلك بالتسبيح والتقديس والصلاة لله حتى يبلغوا بها المغرب ، فإذا بلغوا بها المغرب أدخلوها تلك العين ، فتسقط من أفق السماء في العين . ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم وعجب من خلق الله : وللعجب من القدرة فيما لم نر أعجب من ذلك ؛ وذلك قول جبرئيل عليه السلام لسارة : { أتعجبين من أمر الله } وذلك أن الله عز وجل خلق مدينتين إحداهما بالمشرق والأخرى بالمغرب ، أهل المدينة التي بالمشرق من بقايا عاد من نسل مؤمنيهم ، وأهل التي بالمغرب من بقايا ثمود من نسل الذين آمنوا بصالح ، اسم التي بالمشرق بالسريانية ( مرقيسيا ) وبالعربية ( جابلق ) واسم التي بالمغرب بالسريانية ( برجيسيا ) وبالعربية ( جابرس ) ولكل مدينة منهما عشرة آلاف باب ، ما بين كل بابين فرسخ ، ينوب كل يوم على كل باب من أبواب هاتين المدينتين عشرة آلاف رجل من الحراسة ، عليهم السلاح ، لا تنوبهم الحراسة بعد ذلك إلى يوم ينفخ في الصور ، فوالذي نفس محمد بيده لولا كثرة هؤلاء القوم وضجيج أصواتهم لسمع الناس من جميع أهل الدنيا هذه وقعة الشمس حين تطلع وحين تغرب ، ومن ورائهم ثلاث أمم ، منسك ، وتافيل ، وتاريس ، ومن دونهم يأجوج ومأجوج . وإن جبرئيل عليه السلام انطلق بي إليهم ليلة أسري بي من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، فدعوت يأجوج ومأجوج إلى عبادة الله عز وجل فأبوا أن يجيبوني ، ثم انطلق بي إلى أهل المدينتين ، فدعوتهم إلى دين الله عز وجل وإلى عبادته فأجابوا وأنابوا ، فهم في الدين إخواننا ، من أحسن منهم فهو مع محسنكم ، ومن أساء منهم فأولئك مع المسيئين منكم . ثم انطلق بي إلى الأمم الثلاث ، فدعوتهم إلى دين الله وإلى عبادته فأنكروا ما دعوتهم إليه ، فكفروا بالله عز وجل ، وكذبوا رسله ، فهم مع يأجوج ومأجوج وسائر من عصى الله في النار ؛ فإذا ما غربت الشمس رفع بها من سماء إلى سماء في سرعة طيران الملائكة ؛ حتى يبلغ بها إلى السماء السابعة العليا ، حتى تكون تحت العرش فتخر ساجدة ، وتسجد معها الملائكة الموكلون بها ، فيحدر بها من سماء إلى سماء ؛ فإذا وصلت إلى هذه السماء فذلك حين ينفجر الفجر ، فإذا انحدرت من بعض تلك العيون ، فذاك حين يضيء الصبح ، فإذا وصلت إلى هذا الوجه من السماء فذاك حين يضيء النهار . قال : وجعل الله عند المشرق حجابا من الظلمة على البحر السابع ، مقدار عدة الليالي منذ يوم خلق الله الدنيا إلى يوم تصرم ، فإذا كان عند الغروب أقبل ملك قد وكل بالليل فيقبض قبضة من ظلمة ذلك الحجاب ، ثم يستقبل المغرب ؛ فلا يزال يرسل من الظلمة من خلل إصابعه قليلا قليلا وهو يراعي الشفق ، فإذا غاب الشفق أرسل الظلمة كلها ثم ينشر جناحيه ، فيبلغان قطري الأرض وكنفي السماء ، ويجاوزان ما شاء الله عز وجل خارجا في الهواء ، فيسوق ظلمة الليل بجناحيه بالتسبيح والتقديس والصلاة لله حتى يبلغ المغرب ، فإذا بلغ المغرب انفجر الصبح من المشرق ، فضم جناحيه ، ثم يضم الظلمة بعضها إلى بعض بكفيه ، ثم يقبض عليها بكف واحدة نحو قبضته إذا تناولها من الحجاب بالمشرق ، فيضعها عند المغرب على البحر السابع من هناك ظلمة الليل . فإذا ما نقل ذلك الحجاب من المشرق إلى المغرب نفخ في الصور ، وانتقضت الدنيا ، فضوء النهار من قبل المشرق ، وظلمة الليل من قبل ذلك الحجاب ، فلا تزال الشمس والقمر كذلك من مطالعهما إلى مغاربهما إلى ارتفاعهما ، إلى السماء السابعة العليا ، إلى محبسهما تحت العرش ، حتى يأتي الوقت الذي ضرب الله لتوبة العباد ، فتكثر المعاصي في الأرض ويذهب المعروف ، فلا يأمر به أحد ، ويفشو المنكر فلا ينهى عنه أحد . فإذا كان ذلك حبست الشمس مقدار ليلة تحت العرش ، فكلما سجدت واستأذنت من أين تطلع ؟ لم يحر إليها جواب ؛ حتى يوافيها القمر ويسجد معها ، ويستأذن من أين يطلع ؟ فلا يحار إليه جواب ، حتى يحبسهما مقدار ثلاث ليال للشمس ، وليلتين للقمر ، فلا يعرف طول تلك الليلة إلا المتهجدون في الأرض ؛ وهم حينئذ عصابة قليلة في كل بلدة من بلاد المسلمين ؛ في هوان من الناس وذلة من أنفسهم ، فينام أحدهم تلك الليلة قدر ما كان ينام قبلها من الليالي ، ثم يقوم فيتوضأ ويدخل مصلاه فيصلي ورده ، كما كان يصلي قبل ذلك ، ثم يخرج فلا يرى الصبح ، فينكر ذلك ويظن فيه الظنون من الشر ثم يقول : فلعلي خففت قراءتي ، أو قصرت صلاتي ، أو قمت قبل حيني ! قال : ثم يعود أيضا فيصلي ورده كمثل ورده ، الليلة الثانية ، ثم يخرج فلا يرى الصبح ، فيزيده ذلك إنكارا ، ويخالطه الخوف ، ويظن في ذلك الظنون من الشر ، ثم يقول : فلعلي خففت قراءتي ، أو قصرت صلاتي ، أو قمت من أول الليل ! ثم يعود أيضا الثالثة وهو وجل مشفق لما يتوقع من هول تلك الليلة ، فيصلي أيضا مثل ورده ، الليلة الثالثة ، ثم يخرج فإذا هو بالليل مكانه والنجوم قد استدارت وصارت إلى مكانها من أول الليل ، فيشفق عند ذلك شفقة الخائف العارف بما كان يتوقع من هول تلك الليلة فيستلحمه الخوف ، ويستخفه البكاء ، ثم ينادي بعضهم بعضا ، وقبل ذلك كانوا يتعارفون ويتواصلون ، فيجتمع المتهجدون من أهل كل بلدة إلى مسجد من مساجدها ، ويجأرون إلى الله عز وجل بالبكاء والصراخ بقية تلك الليلة ، والغافلون في غفلتهم ، حتى إذا ما تم لهما مقدار ثلاث ليال للشمس وللقمر ليلتين ، أتاهما جبرئيل فيقول : إن الرب عز وجل يأمركما أن ترجعا إلى مغاربكما فتطلعا منها ، وأنه لا ضوء لكما عندنا ولا نور . قال : فيبكيان عند ذلك بكاء يسمعه أهل سبع سموات من دونهما وأهل سرادقات العرش وحملة العرش من فوقهما ، فيبكون لبكائهما مع ما يخالطهم من خوف الموت ، وخوف يوم القيامة . قال : فبينا الناس ينتظرون طلوعهما من المشرق إذا هما قد طلعا خلف أقفيتهم من المغرب أسودين مكورين كالغرارتين ، ولا ضوء للشمس ولا نور للقمر ، مثلهما في كسوفهما قبل ذلك ؛ فيتصايح أهل الدنيا وتذهل الأمهات عن أولادها ، والأحبة عن ثمرة قلوبها ، فتشتغل كل نفس بما أتاها . قال : فأما الصالحون والأبرار فإنه ينفعهم بكاؤهم يومئذ ، ويكتب ذلك لهم عبادة ، وأما الفاسقون والفجار فإنه لا ينفعهم بكاؤهم يومئذ ، ويكتب ذلك عليهم خسارة . قال : فيرتفعان مثل البعيرين القرينين ، ينازع كل واحد منهما صاحبه استباقا ، حتى إذا بلغا سرة السماء ، وهو منصفهما أتاهما جبرئيل فأخذ بقرونهما ثم ردهما إلى المغرب ، فلا يغربهما في مغاربهما من تلك العيون ، ولكن يغربهما في باب التوبة . فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أنا وأهلي فداؤك يا رسول الله ! فما باب التوبة ؟ قال : يا عمر ! خلق الله عز وجل بابا للتوبة خلف المغرب ، مصراعين من ذهب ، مكللا بالدر والجوهر ، ما بين المصراع إلى المصراع الآخر مسيرة أربعين عاما للراكب المسرع ؛ فذلك الباب مفتوح منذ خلق الله خلقه إلى صبيحة تلك الليلة عند طلوع الشمس والقمر من مغاربهما ، ولم يتب عبد من عباد الله توبة نصوحا من لدن آدم إلى صبيحة تلك الليلة إلا ولجت تلك التوبة في ذلك الباب ، ثم ترفع إلى الله عز وجل . قال معاذ بن جبل : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ! وما التوبة النصوح ؟ قال : أن يندم المذنب على الذنب الذي أصابه فيعتذر إلى الله ثم لا يعود إليه ، كما لا يعود اللبن إلى الضرع ، قال : فيرد جبرئيل بالمصراعين فيلأم بينهما ويصيرهما كأنه لم يكن فيما بينهما صدع قط ، فإذا أغلق باب التوبة لم يقبل بعد ذلك توبة ، ولم ينفع بعد ذلك حسنة يعلمها في الإسلام إلا من كان قبل ذلك محسنا ، فإنه يجري لهم وعليهم بعد ذلك ما كان يجري قبل ذلك ، قال : فذلك قوله عز وجل : ?يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا? . فقال أبي بن كعب : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ! فكيف بالشمس والقمر بعد ذلك ! وكيف بالناس والدنيا ؟ فقال : يا أبي ! إن الشمس والقمر بعد ذك يكسيان النور والضوء ، ويطلعان على الناس ويغربان كما كانا قبل ذلك ، وأما الناس فإنهم نظروا إلى ما نظروا إليه من فظاعة الآية ، فيلحون على الدنيا حتى يجروا فيها الأنهار ، ويغرسوا فيها الشجر ، ويبنوا فيها البنيان ، وأما الدنيا فإنه لو أنتج رجل مهرا لم يركبه من لدن طلوع الشمس من مغربها إلى يوم ينفخ في الصور . فقال حذيفة بن اليمان : أنا وأهلي فداؤك يا رسول الله ! فكيف هم عند النفخ في الصور ؟ ! فقال : يا حذيفة ! والذي نفس محمد بيده ، لتقومن الساعة ولينفخن في الصور والرجل قد لط حوضه فلا يسقى منه ، ولتقومن الساعة والثوب بين الرجلين فلا يطويانه ، ولا يتبايعانه . ولتقومن الساعة والرجل قد رفع لقمته إلى فيه فلا يطعمها ، ولتقومن الساعة والرجل قد انصرف بلبن لقحته من تحتها فلا يشربه ، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية : ?وليأتينهم بغتة وهم لا يشعرون? . فإذا نفخ في الصور ، وقامت الساعة ، وميز الله بين أهل الجنة وأهل النار ولما يدخلوهما بعد ، إذ يدعو الله عز وجل بالشمس والقمر ، فيجاء بهما أسودين مكورين قد وقعا في زلزال وبلبال ، ترعد فرائصهما من هول ذلك اليوم ومخافة الرحمن ، حتى إذا كانا حيال العرش خرا لله ساجدين ؛ فيقولان : إلهنا قد علمت طاعتنا ودءوبنا في عبادتك ، وسرعتنا للمضي في أمرك أيام الدنيا ، فلا تعذبنا بعبادة المشركين إيانا ، فإنا لم ندع إلى عبادتنا ، ولم نذهل عن عبادتك ! قال : فيقول الرب تبارك وتعالى : صدقتما ، وإني قضيت على نفسي أن أبدئ وأعيد ، وإني معيدكما فيما بدأتكما منه ، فارجعا إلى ما خلقتما منه ، قالا : إلهنا ومم خلقتنا ؟ قال : خلقتكما من نور عرشي فارجعا إليه . قال : فليتمع من كل واحد منهما برقة تكاد تخطف الأبصار نورا ، فتختلط بنور العرش . فذلك قوله عز وجل : ?يبدئ ويعيد? . قال عكرمة : فقمت مع النفر الذين حدثوا به ، حتى أتينا كعبا فأخبرناه بما كان من وجد ابن عباس من حديثه ، وبما حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فقام كعب معنا حتى أتينا ابن عباس ، فقال : قد بلغني ما كان من وجدك من حديثي ، وأستغفر الله وأتوب إليه ، وإني إنما حدثت عن كتاب دارس قد تداولته الأيدي ، ولا أدري ما كان فيه من تبديل اليهود ، وإنك حدثت عن كتاب جديد حديث العهد بالرحمن عز وجل وعن سيد الأنبياء وخير النبيين ، فأنا أحب أن تحدثني الحديث فأحفظه عنك ، فإذا حدثت به كان مكان حديثي الأول . قال عكرمة : فأعاد عليه ابن عباس الحديث ، وأنا أستقريه في قلبي بابا بابا ، فما زاد شيئا ولا نقص ، ولا قدم شيئا ولا أخر ، فزادني ذلك في ابن عباس رغبة ، وللحديث حفظ